القدس الشريف،بيت المقدس،أولى القبلتين كلها أسماء يمكننا أن نطلقها على مدينة القدس تلك المدينة الحضارية المقدسة المهمة والتي قد تأسست معالمها الأولى في منطقة تقع في الجهة الجنوبية الشرقية التابعة للمسجد الأقصى والمعلومات السابقة من الممكن أن تكون على دراية بها عزيزي القارئ ولكننا في هذا المقال سوف نتعمق أكثر في تاريخ القدس على مر العصور لذلك تابع معي السطور القادمة إذا كنت ترغب في معرفة المزيد….
أسماء القدس
حظيت مدينة القدس بأسماء كثيرة حيث عرفت باسم مدينة يبوس نسبة إلى اليبوسيين كما أنها عرفت في عهد النبي داوود -عليه السلام- باسم مدينة داوود وقد أطلق عليها أثناء حكم البابليين اسم أورسالم وسميت باسم يورشاليم في عهد الأسكندر الأكبر وأخيراً سميت بعد الفتح الإسلامي باسمي القدس وبيت المقدس ثم باسم القدس الشريف بعد حكم العثمانيين.
جغرافيا مدينة القدس
تقع القدس وسط مدينة فلسطين شرق البحر المتوسط وتتميز بموقعها الإستراتيجي الذي يربط بين مجموعة من الطرق الخاصة بالتجارة وقد بنيت القدس على أربعة مرتفعات حولها عدد من الأودية وتشمل هذه المرتفعات جبل موزيا الذي أسسه على أرضه حرم القدس الشريف وجبل أكرا الذي أسست على أرضه كنيسة القيامة.
ولقد كانت القدس تحيط بها الغابات من أشجار الصنوبر والجوز والزيتون منذ القدم إلا أن الحروب كان لها عظيم الأثر في إختفائها
ميلاد القدس
يرجح علماء التاريخ المتخصصين أن عمر مدينة القدس يصل إلى 38 ألف سنة تقريباً وذلك إستناداً إلى مؤسس المدينة الذي يعرف باسم (ملكي صادق) والذي كان موجوداً في عهد النبي إبراهيم عليه السلام.
تتمتع مدينة القدس مكانة عظيمة في التاريخ الإنساني فلقد كانت ملتقى الإتصال والتواصل بين قارات العالم الفديم وتعاقبت عليها الحضارات تاركة ورائها أثارها وخطوطاتها الأثرية التي جسدت تاريخها العريق.
قبل الميلاد
مرت مدينة القدس بالعديد من المراحل التاريخية التي تأثرت بها تأثيراً كبيراً حيث ساهمت هذه المراحل على تشكيل معالمها الحضارية
الفترة اليبوسية: حيث عاشت وطأت على أرضها قبيلة اليبوسيين والتي تنتمي إلى القبائل الكنعانية وأطلقت عليها اسم يبوس فهم أول من سكن المنطقة وأول من بنى على أرض فلسطين حضارة وهي الحضارة الكنعانية التي لها طابعها الخاص حيث ظهر بيمهم ملوك عظماء أنشأوا القلاع وشيدوا الحصون
الفترة الفرعونية: في الفترة الزمينة بين القرنين الرابع عشر والسادس عشر قبل الميلاد سيطر عليها الفراعنة ولكن ترعضت للهجوم من قبل قبائل بدوية عرفت باسم الخابيرو وكان ذلك أثناء حكم الملك أخناتون ومن بعدها لم ترجع القدس إلى السيطرة الفرعونية إلا في فترة حكم الملك سيتي الأول.
فترة الأنبياء: استطاع النبي داوود عليه السلام السيطرة على القدس عام 977 أو عام 1000 قبل الميلاد وأصبح ملكاً على على الأرض المقدسة لمدة 40 سنة وبعدها تسلم النبي سليمان عليه السلام الحكم والذي استمر حوالي 33 سنة وبعدها تعرضت مملكته للضعف والإنقسام.
ومن بعدها سيطر الآشوريون على دولة فلسطين ثم تمكن البابليون من الإستيلاء على القدس عام 586 قبل الميلاد وأسروا اليهود ولكنهم تمكنوا من العودى لفلسطين بعد 45 سنة عندما غزا الفارسيون بابل فاليهود لهم وجود في فلسطين عبر مراحل متنوعة من التاريخ ولكن هذا الوجود لم يكن ليستقر لفترات طويلة حيث طغى عليه الإضطرابات والتهجير والثورات والأسر فلم تكون فلسطين لهم وطن دائم.
ثم جاء الإسكندر الأكبر المقدوني عام 333 قبل الميلاد حيث وقعت فلسطين تحت الحكم اليوناني وبعدها وقت تحت حكم الكثيرين منهم البطالمة والمصريين والسلوقيين.
لم تسلم القدس بعد الميلاد من الإحتلال والغزو من مختلف البلاد حيث أصبحت القدس تابعة للحكم الروماني وصارت جزء من الإمبراطورية الروماني وفي هذا الفترة شهدت المدينة الكثير من الأحداث التاريخية الهامة حيث وصلها الحكم الإسلامي الأول بقيادة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 636 قبل الميلاد حين كتب مع أهلها من المسيحين العهدة العمرية التي بموجبها حفظت لهم حرية ممارسة شعائرهم الدينية.
بعد مرور خمسة قرون على وصول الخكم الإسلامي لها قام الصليبيون بإحتلال القدس عام 1099م مستغلين الإنقسامات التي تعرض لها العالم الإسلامي نتيجة للفتنة التي دبت بين السنة والشيعة وبين العرب والترك في تلك الفترة وفي عام 1187 وصلت الجيوش الإسلامية بقيادة صلاح الدين الأيوبي إلى مدينة القدس وقامت بهزيمة الصليبيين في المعركة الشهيرة التي دارت بين الطرفين وهي معركة حطين ولكن بعد رحيل القائد صلاح الدين الأيوبي تمكن الصليبيون من الغستيلاء عليها مجدداً واستطاع نجم الدين أيوب عام 1244 أن يستردها من الصليبيين.
تعاقب على القدس بعد ذلك حكم المماليك والعثمانيين إلى أن وصلها الإستعمار البريطاني والذي ظل مسيطراً عليها من 1917 إلى عام 1948 حيث ظهر وعد بلفور أثناء هذه الفترة والذي أدى إلى زيادة هجرة اليهود إلى القدس.
بعد أن أعلنت بريطانيا الإنسحاب من فلسطين في الرابع عشر من مايو وضمن هذه الظروف الصعبة التي صنعتها لولادة الدولة اليهودية أخذت المنظمات اليهويدة الإرهابية في حرب الإبادة وأعمال العنف ضد عرب فلسطين لإجبارهم على الفرار منها ومن أشهر أعمال العنف هذه هي مذبحة دير ياسين بالقرب من القدس والتي راح ضحيتها 250 فلسطيني.
بالنسبة للقدس لم يؤثر قرار إعلان قيام دولة إسرائيل عليها حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار بتدويل منظقة القدس دون تقسيم الأماكن المقدسة فيها الأمر الذي لم تتقبله إسرائيل ولكنها أعربت عن موافقتها على تدويل الأماكن المقدسة ولكن بعدها أعلنت إسرائيل نقل عاصمتها إلى القدس عام 1949 وإستيلائها على الجزء الغربي من المدينة.
كانت النوايا الإسرائيلية تجاه المدينة المقدسة تتمحور حول تهجير أكبر عدد ممكن من سكانها الأصليين حتى يسهل السيطرة عليها لذلك مع إندلاع حرب 1967 سنحت الفرصة للقوات الإسرائيلية لإحتلال بقية المدينة وبعد أن أحكمت إسرائيل قبضتها عليها قامت بالعديد من الإجراءات الغير شرعية تمهيداً لتهويد المدينة بالكامل .
تعتبر فلسطين من الدول الغنية بالأماكن الأثرية والتاريخية والدينية والتي تعد جزء مهم من الهوية الثقافية الفلسطينية وجزء لا يتجزأ من الموروث الثقافي الإنساني ويرجع السبب في تمتعها بهذه المعالم خصوصاً الدينية إلى كون فلسطين مهد الديانات السماوية كما أن تعاقب الحضارات عليها كما ذكرنا ترك وراءه شواهد ومعالم ومقدسات.
أول من بدأ في تشييده هو عبد الملك بن مروان حيث كان يريد أن يجعلها مزاراً للحجاج ويتيمز قبة الصخرة بأنه أقدم أثر إسلامي في تاريخ العمارة الإسلامية ويتميز بقبته الذهبية اللامعة ويوجد في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى في قلب الحرم القدسي الشريف ولابد أن نشير إلى أنه تم تشييد قبة الصخرة كمشهد ليلائم الطواف حول الصخرة المشرفة التي عرج النبي صلى الله عليه وسلم من فوقها إلى المساء.
و عبارة عن حائط يحيط بالجهة الغربية من المسجد الأقصى لذلك يعد جزء أساسي من الحرم القدسي الشريف ويعود سبب التسمية نسبة إلى حادثة الإسراء والمعراج حيث قام النبي محمد صلى الله عليه وسلم بركوب البراق في حادثة الإسراء والمعراج وعند وصوله إلى المسجد الأقصى ربط دابة البراق بالقرب من الحائط الغربي من الحرم القدسي.
وهو الجامع الذي تم بناؤه في المكان الذي صلى فيه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما حضرته الصلاة وهو في كنيسة القيامة وقد طلب منه البطريرك أن يصلي في الكنيسة ولكنه رفض لكي لا يتنازع المسلمون مع المسيحيين حيث أدى الصلاة فخرج ورمى بحجر وصلى عند مرمى الحجر فأقيم في ذلك المكان المسجد العمري الذي أصبح أحد المزارات الإسلامية المهمة في القدس.
تقع الكنيسة داخل أسوار البلدة القديمة في القدس وقامت ببنائها القديسة هيلانا واستغرق العمل في بنائها 11 عام وتعتبر أحد أقدم الكنائس الثلاث في العالم وتعتبر الكنيسة مشتركة بين ثلاث طوائف مسيحية هي الأرمن الأرثوذوكس والروم الأرثوذوكس والرومان الكاثوليك.
تعرف أيضاً على :-
– تاريخ العراق القديم
– تاريخ إثيوبيا القديم